فصل: الشاهد السابع والعشرون بعد الأربعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.خبر القمص صاحب الرها مع جاولي ومع صاحب إنطاكية.

كان جاولي قد ملك الموصل من يد أصحاب جكرمش ثم انتقض فبعث السلطان إليه مودود في العساكر فسار جاولي عن الموصل وحمل معه القمص بردويل صاحب الرها الذي كان أسره سقمان وأخذه منه جكرمش وأصحابه وترك الموصل ثم أطلق جاولي هذا القمص في سنة ثلاث وخمسمائة بعد خمس سنين من أسره على مال قرره عليه وأسرى من المسلمين عنده يطلقهم وعلى أن يمده بنفسه وعساكره وماله متى أحتاج إلى ذلك ولما انبرم العقد بينهما بعث يوالي سالم بن مالك بقلعة جعفر حتى جاءه هناك ابن خاله جوسكين تل ناشر فأقام رهينة مكانه ثم أطلقه جاولي ورهن مكانه أخا زوجته وزوجة القمص فلما وصل جوسكين إلى منبج أغار عليها ونهبها وسبى جماعة من أصحاب جاولي إلى الغدر فاعتذر بأن هذه البلاد ليست لكم ولما أطلق القمص سار إلى إنطاكية ليسترد الرها من يد شكري لأنه أخذها بعد أسره فلم يردها وأعطاه ثلاثين ألف دينار ثم سار القمص إلى تل ناشر وقدم عليه أخوه جوسكين الذي وضعه رهينة عند جاولي وسار شكري صاحب إنطاكية لحربهما قبل أن يستفحل أمرهما وينجدهما جاولي فقاتلوه ورجع إلى إنطاكية وأطلق القمص مائة وستين من أسرى المسلمين ثم سار القمص وأخوه جوسكين وأغاروا على حصون إنطاكية وأمدهم صاحب زغبان وكيسوم وغيرهما من القلاع شمال حلب وهو من الأرمن بألف فارس وألقى راجل وخرج إليهم شكري وتراجعوا للحرب ثم حملهم الترك على الصلح وحكم على شكري برد الرها على القمص صاحبها بعد أن شهد عنده جماعة من البطارقة والأساقفة بأن اسمندخال شكري لما انصرف إلى بلاده أوصاه برد الرها على صاحبها إذا خلص من الأسر فردها شكري على القمص في صفر سنة ثلاث ووفى القمص لجاولي بما كان بينهما ثم قصد جاولي الشام ليملكه وتنقل في نواحيه كما مر في أخباره وكتب رضوان صاحب حلب إلى شكري صاحب إنطاكية يحذره من جاولي ويستنجده عليه فأجابه وبرز من إنطاكية وبعث إليه رضوان بالعساكر واستنجد جاولي القمص صاحب الرها فأنجده بنفسه ولحق به على منبج وجاءه الخبر هنالك باستيلاء عسكر السلطان على بلده الموصل وعلى خزائنه بها وفارقه كثير من أصحابه منهم زنكي بن أقسنقر فنزل جاولي تل ناشر وتزاحف مع شكري هنالك واشتد القتال واستمر أصحاب إنطاكية فتخاذل أصحاب جاولي وانهزموا وذهب الإفرنج بسوادهم فجاء القمص وجوسكين إلى تل ناشر والله تعالى أعلم.

.حروب الإفرنج مع طغركين.

كان طغركين قد سار إلى طبرية سنة اثنتين وخمسمائة فسار إليه ابن أخت بقدوين ملك القدس واقتتلوا فانكشف المسلمون ثم استماتوا وهزموا الإفرنج وأسروا ابن أخت الملك فقتله طغركين بيده بعد أن فادى نفسه بثلاثين ألف دينار وخمسمائة أسير فلم يقبل منه إلا الإسلام أو القتل ثم اصطلح طغركين وبقدوين لمدة أربع سنين وكان حصن غزية من أعمال طرابلس بيد مولى ابن عمار فعصى عليه وانقطعت عنه الميرة بعيث الإفرنج في نواحيه فأرسل إلى طغركين بطاعته فبعث إسرائيل من أصحابه ليمتلك الحصن ونزل منه مولى ابن عمار فرماه إسرائيل في الزحام بسهم فقتله حذرا أن يطلع الأتابك على مخلفه وقصد طغركين الحصن لمشارفة أحواله فمنعه نزول الثلج حتى إذا انقشع وانجلى سار في أربعة آلاف فارس وفتح حصونا للإفرنج منها حصن الأكمة وكان السرداني من الإفرنج يحاصر طرابلس فسار للقائه فلما أشرف عليه انهزم طغركين وأصحابه إلى حمص وملك السرداني حصن غزية بالأمان ووصل طغركين إلى دمشق فبعث إليه بقدوين من القدس بالبقاء على الصلح وذلك في شعبان سنة اثنتين.

.استيلاء الإفرنج على طرابلس وبيروت وصيدا وجبيل وبانياس.

ولما عادت طرابلس إلى صاحب مصر من يد ابن عمار وولي عليها نائبه والإفرنج يحاصرونها وزعيمهم السرداني ابن أخت صنجيل فلما كانت سنة ثلاث وخمسمائة في شعبان ووصل القمص والد صنجيل وليس صنجيل الأول وإنما هو قمص بمراكب عديدة مشحونة بالرجال والسلاح والميرة وجرت بينه وبين السرداني فتنة واقتتلوا وجاء شكري صاحب إنطاكية مددا للسرداني ثم جاء بقدوين ملك القدس وأصلح بينهم وحاصروا طرابلس ونصبوا عليها الأبراج فاشتد بهم الحصار وعدموا القوت لتأخر الأسطول المصري بالميرة ثم زحفوا إلى قتالها بالأبراج وملكوها عنوة ثاني الأضحى واستباحوها وأثخنوا فيها وكان النائب بها قد استأمن إلى الإفرنج قبل ذلك بليال وملكها بالأمان ونزل على مدينة جبيل وبها فخر الملك بن عمار فاستأمنوا إلى شكري وملكها ولحق ابن عمار بشيزر فنزل على صاحبها سلطان بن علي بن منقذ الكناني ولحق منها بدمشق فأكرمه طغركين وأقطعه الزبداني من أعمال دمشق في محرم سنة أربع ووصل أسطول مصر بالميرة بعد أخذ طرابلس بثمانية أيام فأرسى بساحل صور وفرقت الغلال في جهاتها في صور وصيدا وبيروت ثم استولى الإفرنج على صيدا في ربيع الآخر سنة أربع وخمسمائة وذلك أنه وصل أسطول للإفرنج من ستين مركبا مشحونة بالرجال والذخائر وبها ملوكهم بقصد الحج والغزو فاجتمع مع بقدوين صاحب القدس ونازلوا صيدا برا وبحرا وأسطول مصر يعجز عن إنجادهم ثم زحفوا إلى صور في أبراج الخشب المصفحة فضعفت نفوسهم أن يصيبهم مثل ما أصاب أهل بيروت فاستأمنوا فأمنهم الإفرنج في جمادي الأولى ولحقوا بدمشق بعد سبعة وأربعين يوما من الحصار وأقام بالبلد خلق كثير تحت الأمان وعاد بقدوين إلى القدس.